نورة العتيبي شابة سعودية منقبة، أم لابنة ومنفصلة، جامعية وتعمل في وظيفة حكومية حساسة، في نهاية عقدها الثلاثيني، ومن أسرة محافظة جداً تعيش في مزرعة العائلة التي تقع على أطراف مدينة الرياض.
نورة تعيش في شقة في الرياض وحدها هي وابنتها بعيداً عن أهلها الذين تراهم في نهاية الأسبوع فقط، وهذا وضع العديد من السعوديات اللاتي يعشن الآن في شقق منفصلة بسبب بُعد المسافة بين بيت الأهل ومقر عملهن الذي قد يكون في مدينة أخرى.
نورة تصحو منذ صلاة الفجر وتبدأ يومها باليوغا ثم إلى المطبخ لتحضير وجبة الإفطار لها ولابنتها وتسرع بالخروج لتأخذ القطار إلى مقر عملها، تفضّل القطار على السيارة لأنه اختصر أكثر من ساعة عليها ولأنها لن تضطر للبحث عن موقف للسيارة وذلك أمر مرهق في الرياض المزدحمة.
ليست هناك مشكلةُ المشي في جوّ الرياض الحار في الصيف من المترو إلى مقرّ العمل، فتلك مشكلة حُلّت من خلال وجود حافلات خاصة بالعديد من المؤسسات الحكومية والبنوك والشركات بانتظار موظفيها عند المحطات التي تقف عند مراكز ومقرّات الأعمال المعروفة، وكذلك حلّتها شركة القطار من خلال التطبيق الذي تحجز به تذكرة القطار تحجز معه تذكرة للحافلات الصغيرة أو السيارة بأسعار رمزية لا تتجاوز ريالين والمتوافرة في المحطات توصلك من المحطة إلى المكان الذي تريده، لذلك أغلب مستخدمي القطار هم من السعوديين وبالأخص النساء.
نورة تعمل في وظيفتين الأولى وظيفتها الرئيسية والثانية هي مرافقة لضيوف المملكة، وتلك وظيفة سجلت فيها العديد من السعوديات أسماءهن الموجودة عند عدة جهات كالخارجية والإعلام وهيئة الترفيه ممن يستضيفون المؤتمرات والفعاليات ويستعينون بمثل نورة التي تتحدث أكثر من لغة، ويستعينون بهن لأنهن يمثّلن السعودية بوجهها الحضاري المتجدّد، في زيارتي السابقة كانت المرافقة دكتورة في جامعة الرياض!
تقول نورة «لأسباب عديدة أعمل وظيفتين، أولاً لأعيل نفسي وابنتي وألحقها بمدرسة خاصة، ثانياً لأكتسب خبرة ومهارات جديدة من أجل تطوير ذاتي»، وعلى فكرة نورة قارئة نهمة كانت بانتظاري ومعها كتابها الذي لا يفارقها في المترو كل يوم، أما كيف توفّق بين الوظيفتين؟ تقول نورة «أوفر إجازاتي من عملي الأول وأستخدمها للقيام بوظيفتي الثانية وهي غير ثابتة إنما متقطعة وفقاً للاستدعاءات».
نمط الحياة كما ترون لا يختلف عن أي نمط لامرأة غربية مستقلة جادة ومكافحة ولديها طموح للمستقبل، تجهد كثيراً لتوفير تكاليف عيشها هي وابنتها، وتطوير مهاراتها المهنية، إنما الفرق أنها منقبة فقط، ويا له من فرق.
هذا الفرق هو الذي وقف عنده ترامب في كلمته التي ألقاها في الرياض، فقال «اخترتم ثقافتكم وأسلوبكم الخاص لتتقدموا من خلالهما، ونجحتم دون أن تنسلخوا من تاريخكم ودون أن تقلّدونا، حافظتم على هويتكم وواصلتم الاعتزاز بها دون انغلاق، وها أنتم وصلتم لما تريدون».
هنيئاً للسعودية ثباتها على هويتها العربية الخليجية واعتزازهم ببدوهم وحضرهم، وهنيئاً لهم السعي الحثيث لتحقيق رؤيتهم، وهنيئاً لهم بشبابهم المؤمن بالرؤية والمتمسّك بهويته العربية.
0 تعليق